بقلم/ أيمن عقيل
في 24 أكتوبر 2024 بدأ العد التنازلي للاحتفال بالذكرى الثمانين للأمم المتحدة، وقبلها بشهور قليلة احٌتفل باعتماد ميثاق الأمم المتحدة الذي عرٌف بإنه الدستور الخاص بالعلاقات الدولية، وأري أنه من الآن وحتى 24 أكتوبر 2025 عندما تحل الذكرى الثمانين، ستكون الفرصة مناسبة للتأمل فيما حققته هذه المنظمة من إنجازات وما أقدمت عليه من مبادرات كان من شأنها حفظ السلام، وتجنيب العالم ويلات حرب عالمية ثالثة. لكن في الوقت نفسه هي فرصة لتقييم الإخفاقات التي وقعت فيها المنظمة والتي تكاد تجعلها بحسب وصف بعض المعنيين بشؤون المنظمة عفا عليها الزمن وأنها لن تقدر على أن تفيق من عثرتها الحالية.
وإذا بدأنا بالإنجازات فالمنظمة منذ نشأتها تبنت قضية تحرير الدول الواقعة تحت الاستعمار بموجب الحق في تقرير المصير، وساهمت في نشر مبادئ القانون الدولي، فأنشأت برنامج الأمم المتحدة للتعريف بالقانون الدولي، وقامت بتشجيع تدريسه، وهو ما استفاد منه مئات الآلاف من الدبلوماسيين والخبراء وغيرهم من المهتمين. وقد تعودنا أن نقيس إنجازات الأمم المتحدة بالنظر للشق السياسي دون النظر إلى تداخلات هذه المنظمة على الجانب الإنساني. رغم الأدوار الإيجابية التي تقدمها المنظمة في هذا المسار، وفي الحد من أضرار الكوارث الطبيعية والبشرية. وفي 30 أغسطس 2024 خصصت الأمم المتحدة 100 مليون دولار لدعم الاحتياجات الإنسانية الطارئة في 10 دول في أفريقيا وأسيا والشرق الأوسط والأمريكتين وهذا التخصيص الأخير لا يعدو كونه نقطة في بحر من إنفاق الأمم المتحدة على الاحتياجات الإنسانية للشعوب التي تعد في حاجة مُلحة لهذه المساعدات.
جانب أخر لا يقل أهمية من إخفاقات الأمم المتحدة يتمثل في مكانة أمينها العام أنطونيو غوتيريش، يكفي أن أقول إن الرجل الذي يقود المنظمة الأهم في العالم رٌفض في سبتمبر وأكتوبر 2024 من دخول دولتين أعضاء في المنظمة التي يقودها، الواقعة الأولي بسبب موقفه من حرب غزة وبناء عليه رفضت إسرائيل دخوله لديهم. والثانية نتيجة ذهابه لروسيا وحضوره قمة بريكس فرفض الرئيس الأوكراني حضوره العاصمة كييف. وهو ما أحبط بحسب معلومات عدد من الدبلوماسيين الذين ظلوا آملين في أن يمارس غوتيريش دورا سياسيا أكبر لمنع الحروب. أخيرا لا أريد أن أكون قاسيا في نقد المنظمة ولا أؤيد بشكل شخصي نعيها واعتبارها منظمة عفي عليها الزمن لكن بدل من ذلك أؤيد الدفع نحو إصلاحها كونها المنظمة التي لا تزال تحظى برصيد بين الدول الأعضاء ويلتزم الجميع على الأقل علنا بالمبادئ التي قامت عليها. لكن هذا الإصلاح إذا آن له أن يٌترجم لخطوات حقيقة يجب أن تكون بدايته ولا شك توسيع قاعدة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، ومنح المنظمة الدولية صلاحيات أكبر لوقف سباق التسلح للوصول لنظام عالمي يحقق الأمن الجماعي للدول كافة. أضيف لما سبق قدرة المنظمة على وقف ازدواجية المعايير سواء داخل الهيئات والوكالات والبرامج التابعة لها. كل هذه الخطوات أن تحققت قد تجعل المنظمة تنهض من عثرتها الحالية
وهناك جانب آخر بالغ الأهمية في إخفاقات الأمم المتحدة يتمثل في وضع أمينها العام أنطونيو غوتيريش، زعيم المنظمة الأكثر أهمية في العالم، الذي مُنع من دخول دولتين عضوين في سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول 2024 بسبب موقفه من الصراع في غزة، وكانت إسرائيل واحدة من الدول التي منعته من الدخول. ووقع الحادث الثاني أثناء رحلته إلى روسيا لحضور قمة البريكس، حيث منعه الرئيس الأوكراني من دخول العاصمة كييف. وقد أحبط هذا الوضع العديد من الدبلوماسيين الذين كانوا يأملون أن يلعب غوتيريش دورا سياسيا أكثر أهمية في منع الحروب. لا أرغب في انتقاد المنظمة بشكل مفرط، ولا أدعو إلى رفضها باعتبارها عفا عليها الزمن. بدلا من ذلك، أؤيد الدعوات إلى الإصلاح، حيث لا تزال الأمم المتحدة تحتفظ بمصداقيتها بين الدول الأعضاء، وهناك التزام عام من الجمهور بالمبادئ التي تأسست عليها. ولكن لكي تترجم هذه الإصلاحات إلى أفعال ملموسة، فلابد أن تبدأ بتوسيع عضوية مجلس الأمن وتمكين المنظمة من اتخاذ خطوات حاسمة للحد من سباق التسلح، والعمل في نهاية المطاف نحو نظام عالمي يضمن الأمن الجماعي لجميع الدول. فضلاً عن ذلك، لابد وأن تعالج المنظمة المعايير المزدوجة داخل هيئاتها ووكالاتها وبرامجها وتقضي عليها. وإذا تحققت هذه الخطوات، فقد تمكن المنظمة من التعافي من التحديات الحالية التي تواجهها.
اضف تعليق