الكَم أم الكَيف؟ جامعة زيورخ على حق

الكَم أم الكَيف؟ جامعة زيورخ على حق

 بقلم/ أيمن عقيل

جامعة زيورخ انسحبت من تصنيف مجلة تايمز للتعليم العالي للجامعات العالمية - Times Higher Education World University Rankings‏، وأعلنت الجامعة في بيان صحفي إن إنسحابهًا من التصنيف جاء بعد تقييم كامل لمنهجية التصنيف، حيث ظهر وفقا لتقييم الجامعة أن منهجية التصنيف تعتمد بشكل كبير على معايير كمية لا تعكس بالضرورة جودة الأبحاث المنشورة. حيث يعتمد التصنيف على مؤشرات قابلة للقياس تؤدي إلي إرهاق الجامعات من خلال التركيز على زيادة عدد الأبحاث المعدة للنشر بدلا من تحسين محتواهًا.

ورغم إن هذا الخبر يهتم بمؤسسة تعليمية في الأساس، لكنه ينعكس على معظم الأشياء في حياتنا، ويمس سياسات دول وحكومات لأنها تمنح الأولوية للكم على النوعية والكيف ، لذلك يدعونا هذا الانسحاب للنظر برؤية أوسع لمسألة الكيف والكم، وما الأفضل ولماذا؟ وما هو المسار الذي يجب أن تتبعه الحكومات للارتقاء بشعوبها.

ففي مجال التعليم أنا من أنصار التوسع في إنشاء الكليات المتخصصة في دراسة التكنولوجيا والتوسع في التخصصات التي تحفز الطلاب على الابتكار، وتساعدهم على الالتحاق بسوق العمل حتى تتقلص الفجوة بين أعداد الخريجين والوظائف المطلوبة وحتى تستطيع الدول أن تضمن لمواطنيهًا واحدًا من حقوق الإنسان ألا وهو الحق في العمل الوارد في المادتين السادسة والسابعة من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وفي حياتنا اليومية يجب ان تكون مصحوبًة بقيمة وسلوك واضافة وأثر يقدمه كل شخص منا. وقديما قال الطبيب ابن سينا أن الأشخاص الذين عاشوا مئات السنين دون إنتاج حقيقي بأنهم قد عاشوا يوما واحدا لأن حياتهم كانت مملة وبرنامجهم في الحياة هو أكل وشرب ونوم. وقال إن حياة هؤلاء الذين عاشوا قليلا ولكن بإنتاج حقيقي ان حياتهم حافلة بآلاف السنوات.

وأتوقع في النهاية أن تقوم جامعات أخرى بالانسحاب من هذه التصنيفات، واتمني أن تكون هذه بداية للتركيز على جودة المحتوى ونوعية الأبحاث أفضل من التركيز على عددها، واتسائل هل من الممكن أن تخطو جامعتنا المصرية والعربية الخطوات نفسها فتوجه الباحثين نحو دراسة القضايا النوعية كطرق الارتقاء بالصناعة وتحسين الزراعة ودراسة مشاكل المجتمعات ووضع حلول غير تقليدية لهًا، وتحقيق التنمية بدلا من دراسة نظريات عفي عليها الزمن، كما أشجع هذه الجامعات على الانضمام إلى الاتفاقية الدولية لإصلاح تقييم البحوث التي تشرف عليها منظمة Science Europe، حيث هنًاك سيكون الجودة لا الكم موضع تقييم مستمر.

اضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة مشار إليها *