بقلم/ أيمن عقيل
هي فرصة لا تتاح إلا مرة واحدة في كل جيل من أجل إعادة تشكيل تاريخ البشرية ومن خلال تنشيط التعاون الدولي هكذا وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش القمة التي تبنت ميثاق المستقبل في 22 سبتمبر 2024 بموجب قرار الجمعية العامة 79/1 ولكن من وجهة نظري وبعد الاطلاع علي إنها صيغت في حد ذاتها بطريقة إبداعية وتستخدم عبارات مقتضبة لكنها توصل الغرض منها. ورغم إن الوثيقة صيغت بطريقة تمنحنا الأمل ويغلب عليها التفاؤل على عكس الواقع الحالي المتمثل في الحروب والنزاعات وتراجع مكانة القانون الدولي. فالوثيقة التي تتكون من 66 صفحة للنسخة العربية، و 56 للنسخة الإنجليزية يوجد بها تطلعات غاية الأهمية. لكن يبقى الميثاق ككل الوثائق التي تتبناها الأمم المتحدة بلا فائدة إذا افتقرت للإلزامية وغاب عنها التنفيذ. وإذا لم تتحول التطلعات فيه إلى أفعال وممارسات تتحقق على أرض الواقع.
ويتكون هيكل الميثاق من ديباجة و5 مجالات أو قضايا رئيسية بالإضافة إلى 56 إجراء محدد بجانب مرفقين. وتحيل الوثيقة تنفيذ الميثاق إلى أصحاب المصلحة المختلفين الذي حددتهم في مواضع مختلفة وهم الحكومات والبرلمان والمجتمع المدني والمؤسسات الدولية والسلطات المحلية والقطاع الخاص والمؤسسات الأكاديمية. وتعترف الديباجة بأن العالم كله يمر بمرحلة تحول عميق تفرض عليه مخاطر وجودية وكارثية. كما اعتبرت الديباجة إن ركائز الأمم المتحدة الثلاثة وهم؛ التنمية المستدامة؛ السلام والامن؛ حقوق الإنسان متساويين في الأهمية، ولا يمكن تحقيق ركيزة دون أخرى. أما بالنسبة للمجالات أو القضايا الخمسة فهم: التنمية المستدامة وتمويل التنمية؛ تعزيز السلام والأمن الدوليين؛ دعم العلوم والتكنولوجيا والابتكار الرقمي؛ الشباب والأجيال القادمة؛ التحول في الحوكمة العالمية. وهذه المجالات سيعززها كما فهمت من وثيقة الميثاق 56 إجراء محددا وستجري الجمعية العامة استعراضَا شامل لتنفيذ هذه الإجراءات في الدورة 83 للجمعية العامة للأمم المتحدة من خلال اجتماع رفيع المستوى لرؤساء الدول والحكومات
أما بالنسبة لمضمون الميثاق في رأيي إنه يعد امتداد لخطة التنمية المستدامة 2030 حيث يركز بشكل أساسي على معالجة التحديات المستقبلية مثل الفقر والأزمات البيئية وعدم المساواة بين الدول وبعضها وبين السكان داخل الدولة الواحدة بجانب التحديات التي تفرضها التكنولوجيات الرقمية، وقد ذكرت عبارة التنمية المستدامة في الميثاق أكثر من 190 مرة وذكرت عبارة حقوق الإنسان أكثر من 100 مرة، كما تطرق الميثاق ضمن الإجراء رقم 14 في المجال الثاني المتعلق بالسلم والأمن الدوليين إلى حماية جميع المدنيين في النزاعات المسلحة. ويمنح الميثاق أدوار للمجتمع المدني وهو من بين الإيجابيات الواردة في الميثاق أيضَا. لكن بعيدًا عن محتوي الميثاق فإن ما يبعث على القلق هو إن الوثيقة في حد ذاتها غير ملزمة، وهو ما يجعلها تفتقر لآليات تنفيذ ملزمة. كما إن وثيقة الميثاق تطرقت بشكل هامشي ومحدود لمسائل حاسمة مثل التدخل في الشؤون في الداخلية للدول وكان يمكن أن يربط الميثاق بين هذه التداخلات وإبطاء مسيرة التنمية في الدول التي تعد مسرحًا للتدخلات الخارجية.
اضف تعليق