بقلم/ أيمن عقيل
في 10 ديسمبر عام 1948 كان قصر شايو بباريس، شاهدًا علي اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم (217 أ) الخاص باعتماد وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهو نفس اليوم الذي اعتبرته الأمم المتحدة يومًا عالميًا لحقوق الإنسان، بعد مجموعة من النقاشات التي امتدت لأكثر من عامين، ومن خلال 24 جلسة عمل تناولت الحقوق والحريات الواردة في وثيقة الإعلان. وكانت مصر من بين 48 دولة وافقت على القرار الذي اعتمد وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وشاركت مصر أيضا في صياغة الإعلان واقترحت تعديلات على بعض نصوصه. وكان التفكير في صياغة وثيقة شاملة تحظي بقبول دولي ردة فعل طبيعية للانتهاكات التي قامت بها الدول تجاه حقوق الإنسان الأساسية وكرامته في الحربين العالمتين الأولي والثانية.
وفي الذكري السادسة والسبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فرصة لإعادة التذكير بالمبادئ الواردة في وثيقة الإعلان التي ورغم نبل مقصدها لا تزال مٌهدرة في أماكن كثيرة من العالم ولعل الأوضاع في السودان، وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة ولبنان، خير دليل علي غياب هذه الحقوق، حيث لا تزال الجماعات الإرهابية في الصومال وفي الجمهورية العربية السورية وفي الساحل الأفريقي، تقتطع أجزاء من الأراضي وتسيطر عليهًا وتمارس ضد المدنيين أبشع الانتهاكات للحقوق الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، وساعد في ذلك التجاهل الواضح لاحترام القانون الدولي وضعف تطبيقه في مناطق النزاعات المسلحة. بالإضافة إلى ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين من قبل الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية واتضح ذلك من تبدل المواقف في الحرب الروسية الأوكرانية مقارنة بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، كما لا يزال المهاجرين واللاجئين تنتهك حقوقهم من الأحزاب اليمنية في أوروبا التي لا تُرحب بهم، متجاهلين للأسباب التي دفعتهم لمغادرة بلدانهم ومنازلهم وأقربائهم وذكرياتهم في دولهم الأصلية.
إن ما يحدث في الشرق الأوسط، هو دليل علي إن الدول الغربية لم تتدارك أخطاء الماضي، فإشعال النيران والحروب والنزاعات ، لن يُبقي مكانًا آمنا في العالم كله وليس الشرق الأوسط فقط . ولن يتحقق موضوع هذا العام والذي اختارته المفوضية السامية لحقوق الإنسان تحت شعار " حقوقنا.. مستقبلنا "
ولذلك يجب أن يتحلى الجميع بالتروي والحكمة والالتزام بالمعايير الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهو ما يمهد الطريق لعالم قائم على التسامح والحوار، تصان فيه جميع الحقوق. فالمستقبل أما بالجميع أو بدون أحد هكذا أتوقع.
لذلك ورغم الواقع الحالي المشحون بالصراعات في مناطق مختلفة من العالم، لكني من الذين يفضلون النظر صوب نصف الكوب الممتلئ في كافة الأحوال، فحتى مع التحديات التي تواجه الإعلان إلا إن الفرصة لا تزال متاحة للبناء على الحقوق الواردة فيه باعتباره أداة قوية لتحفيز جميع حقوق الإنسان بما في ذلك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بجانب الحق في التنمية وهي حقوق مترابطة وغير قابلة للتجزئة كما ورد في ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
أخيرًا أقول وانا أرى كل هذه الانتهاكات في العالم إني لم أفقد الأمل في غد أفضل. ولدي آمل أن نستمد من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والحقوق الواردة فيه بوصلتنًا جميعًا، لنضمن أن يكون الغد أفضل لنًا وللأجيال القادمة ولنفي بالوعد الوارد في أجندة التنمية المستدامة 2023 القاضي بألا يتخلف أحدًا عن ركب التنمية المستدامة.
اضف تعليق