بقلم/ أيمن عقيل
باختصار غير مٌخل استوحت شركة مرسيدس بنز وهي العلامة التجارية الألمانية لصناعة السيارات الفاخرة، والتي احبها نظام التعليق الـ suspension”" في السيارة الخاصة بها من رأس الدجاجة فيما عرف بـ تقنية رأس الدجاجة، وتعني ببساطة إن رأس الدجاجة تظل ثابتة ونظرتهًا مستقيمة، حتى إذا تحركت أجزاء أخري من جسمها بفعل مؤثر خارجي. والغرض من هذه التقنية التي تعتمد عليها الشركة، هو الدلالة على الثبات والأمان، حيث لا يتأثر راكب المرسيدس إذا اعترضه مطبًا أثناء القيادة.
هكذا في رأيي يجب أن تكون الدول يجب أن تظل ثابتة حتى لو اعترضها سيل من الأزمات أو واجه مسار تطورها مشاكل وتحديات ومطبات تخفض من همة المسؤولين فيهًا وتهبط من عزائمهم، لكن من أين تستمد الدول قوتهًا ؟؟؟ البعض يقول هذه القوة تستمد من الترسانة العسكرية التي تحظى بها بعض الدول، والبعض الأخر يرى إن الاقتصاد أهم وتأثيره أعمق عند مقارنة الدول ببعضها البعض. وتستند المؤشرات الدولية التي تصنف الدول القوية والنامية والفقيرة إلى معايير مثل حجم الناتج المحلي الإجمالي، ونصيب الفرد من إجمالي الدخل القومي، بالإضافة إلى معايير أخري مثل الموارد الطبيعية والاستقرار السياسي وغيرها من المعايير التي تكتسي أهمية لا يمكن تجاهلها بلا شك.
لكن مفهوم الدول القوية يتجاوز هذه المعايير إلى معايير تأثيرهًا يظل ممتدً في عمر الدول والمجتمعات، فالدول القوية المتماسكة ينبغي أن تتوافر مقومات أبعد من القوة العسكرية والاقتصادية مثل وجود مجتمع مدني قوي، يمثل همزة وصل بين الدولة والمواطن ويعمل على مساعدة الدولة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ولكن هل المجتمع المدني وحده قادر علي معاونة الحكومة ؟ اعتقد الإجابة لا، فالدول الحيوية وغير الهشة يلزمها أحزاب سياسية قادرة على صياغة برامج تعمل على تمكين المواطنين وتوعيتهم بحقوقهم السياسية. وقديما قيل إنه لا يستقيم مسار دولة بدون أحزاب سياسية ذات كفاءة قادرة على الوصول إلى البرلمانات المنتخبة. والهيئة التشريعية في كل دولة تهدف إلى وضع القوانين أو تعديلها او الغاؤها إذا لزم الأمر، وينبغي ان تتوافر في الأحزاب المرونة الكافية التي تجعلها تعتمد نظامها الأساسي ولوائحها الداخلية بناء على أسس ديمقراطية من خلال عقد مؤتمرات دورية وانشاء امانات ولجان تأخذ فيها الآراء بناء على الأغلبية.
والدول الثابتة التي لا تهتز مثل مرسيدس، تعلي من قيم المواطنة ولا تفرق بين مواطنيها، ويتحقق ذلك من خلال التثقيف والتوعية بمبادئ المواطنة من خلال المؤسسات الرسمية بمساعدة المجتمع المدني والقطاع الخاص، لإن وضع المواطنة أولوية في خطط الدول والحكومات يترتب عليه وجود أفراد واعين بحقوقهم فكريًا واجتماعيا وانسانيا، مدركين لمبادئ العدالة والمساواة وحقوق الإنسان. وعلى النقيض من ذلك الدول التي تجعل المواطنة بندًا هامشيًا في خططها فيعترض مسار تقدمها عثرات لا تنتهي. فتشجيع ثقافة المواطنة والحوار قيم نبيلة تعلي المٌجتمعات.
اضف تعليق