"أحبب حبيبك هونًا ما عسى أن يكون بغيضَك يومًا ما، وأبغض بغيضك هونًا ما عسى أن يكون حبيبك يومًا ما".
بقلم أيمن عقيل
كان الأحد 26 مايو عيد ميلادي، احتفلت به في مؤسسة ماعت، الكيان الذي أفنيت فيه حياتي، وسط زملائي الذين أهدوني حبًا يرونني أستحقه، بينما أرى أنهم يبالغون في تقديره. هذه أول مرة أكتب فيها عن عيد ميلادي، والسبب ليس الأسئلة التي تلقيتها من الزملاء والأصدقاء، ولكن المتغيرات الكثيرة التي حدثت في العام الثالث والخمسين من حياتي والتي ستمتد تداعياتها لتلقي بظلالها على عامي الرابع والخمسين، إذا كتب الله لي الحياة.
سألني بعض الأصدقاء ماذا تتمنى لنفسك في هذا اليوم؟ فأجبت سريعًا دون تردد "الصحة، وراحة البال، واستمرار العمل". وسألني آخر ماذا تتمنى للعالم؟ فأجبته بصوت حزين "أن يسود السلام العالم كله وأن تتوقف النزاعات والحروب اليوم قبل غدًا." وسألني آخرون ماذا منحتك هذه السنوات؟ فقلت مُنحت أشياء عديدة أولها الرضاء بالقدر، وثانيها نبل الخصومة، وثالثها الصمت في أوقات اللغط.
وعن سؤال ماذا تعلمت، أجبتهم أنني ما تعلمت من السياسة إلا العداوات الدائمة، وأن القوة ما تنشئ الحق وتحميه. وعلمتني الحياة أن الإنسان ابن التجارب، وأنه مهما ارتقى شأنه سيظل يتعلم، وتعلمت أن أتبع الحكمة التي تقول "أحبب حبيبك هونًا ما عسى أن يكون بغيضَك يومًا ما، وأبغض بغيضك هونًا ما عسى أن يكون حبيبك يومًا ما." بمعنى ألا أبالغ في حالتي الحب أو الكراهية. "أحبب حبيبك هونًا ما عسى أن يكون بغيضَك يومًا ما، وأبغض بغيضك هونًا ما عسى أن يكون حبيبك يومًا ما." بمعنى ألا أبالغ في حالتي الحب أو الكراهية.". وهذا يعني أنني أحاول عدم المبالغة في مشاعر الحب أو الكراهية.
تعلمت من النفس البشرية أن أسوأ صفة قد يحظى بها الإنسان الكبر والغرور بالنفس أو الزهو بمعروف صنعته من أجل شخص. وتعلمت من عملي الحقوقي أن أتبع منهجي الخاص القائم على الحوار لا الصدام، وأن المكاسب تأتي تدريجيًا من خلال النصح والحث على الاستماع، لا بالهجوم والاندفاع، وآمنت بأن الحياة تتسع لجميع الألوان والأشخاص، ولا زلت أرفض المنطق الذي يحصر أصحابه الحياة في لونين فقط؛ إما أبيض وإما أسود.
وعلى المستوى المهني، تعلمت أن الإنجازات تُصنع من الإخلاص في العمل، ومن عقول تفكر خارج الصندوق ومن فريق لا يستسلم، وعرفت أن الأهم من القول العمل، وأدركت الاقتباس الذي يقول "إذا لم يكن لك مقعدًا على طاولة الطعام، فهذا يعني أنك على قائمة الطعام"، أي أنك ستذهب مع الريح، كما تقول "مارجريت ميتشل" في روايتها المشهورة. وتعلمت من السفر الكثير عن الشعوب والأمم وأفادتني تجارب الآخرين. في التعايش السلمي والحوار تكمن إنسانية البشر والدول.
وسألني آخر ماذا عن هواياتك؟ فقلت اقتصرت على ما أفنيت حياتي من أجله وهو العمل، وفنجان القهوة الذي أحتسيه كل صباح، وتدخين النرجيلة مع أصدقاء العمر، والنزول للجيم إذا الوقت متاحًا أو البال صافيًا.
اضف تعليق