إن عملية مراقبة الانتخابات البرلمانية المقبلة في مصر، والتي تتولى تنفيذها مجموعة من المنظمات غير الحكومية الدولية ذات الثقل والمصداقية، تشكل أهمية كبيرة بالنسبة للدور الذي سيلعبه البرلمان المصري المقبل.
وتعطي تلك المتابعة قدرا أكبر من الشرعية الدولية ودرجة عالية من المصداقية والنزاهة للعملية الانتخابية. ويشجع المجتمع الدولي، وهيئاته التشريعية، على التواصل بثقة ومساواة واحترام في المستقبل.
أطلقت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان بعثة دولية لمراقبة الانتخابات في مصر وأماكن أخرى من العالم. وفي إطار ذلك، ستقوم بتقييم وكتابة التقارير عن جميع المراحل الانتخابية، بدءاً من دعوة الناخبين للتسجيل والمشاركة، وعملية الحملة الانتخابية حتى يوم الانتخابات، وإعلان النتائج. وسيتم إرسال تلك التقارير إلى الجهات المسؤولة في الدول التي أجريت فيها الانتخابات.
كما سيتم إرسال التقارير إلى المنظمات والهيئات الدولية المعنية، لتقييم مدى تحقيق معايير الحرية والنزاهة والديمقراطية في تلك الانتخابات.
رئيس ماعت أيمن عقيل هو المتحدث الرسمي باسم البعثة الدولية المشتركة لمتابعة الانتخابات البرلمانية المصرية عام 2020. وجلس مع ديلي نيوز إيجيبت لتقديم الخطوط العريضة لدور البعثة في مراقبة الانتخابات، وما تأمل في تحقيقه . كما استعرض التحديات والملاحظات الإيجابية التي تواجهها العملية الانتخابية في مصر.
ما هي المنظمات المشاركة في البعثة الدولية لمراقبة انتخابات مجلس النواب المصري؟
وتعد هذه المهمة هي الأكبر والأكثر عددا، وتضم مجموعة من الخبرات المتنوعة في مراقبة الانتخابات في أكثر من دولة. وتضم إلى جانب مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، متطوعون بلا حدود (VWB)، ومجموعة ريادة الأعمال والاقتصاد الاجتماعي (EKO)، وجمعية زيموس، ومؤسسة إليزكا للإغاثة، ومنتدى جالز الدولي، والمنصة الأفريقية، ومؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان. المنتدى الوطني للمنظمات غير الحكومية في أوغندا، بالإضافة إلى الشريك المحلي الرئيسي.
ما هي الملامح التي تضمنها تقرير البعثة حتى الآن فيما يتعلق بمرحلة الترشح للانتخابات البرلمانية المصرية؟
ويتناول التقرير مرحلة الترشح، بدءاً من دعوة الناخبين، إلى إعلان القائمة النهائية للمرشحين في انتخابات مجلس النواب المصري. ويهدف إلى بيان مدى الالتزام بمبادئ الديمقراطية والمعايير الدولية لحرية ونزاهة الانتخابات خلال مرحلة الترشح، ومدى ملاءمتها للقوانين والتشريعات المصرية المنظمة لهذه المرحلة.
كما تقوم بمراقبة ما إذا كانت هذه المعايير قد خضعت للتنفيذ التنفيذي والإجرائي أم لا. ونلاحظ في التقرير أننا لاحظنا قدرا كبيرا من الالتزام على المستوى التشريعي بالمعايير الدولية لحرية ونزاهة الانتخابات خلال هذه المرحلة، بالإضافة إلى اتباع أسس الممارسة الديمقراطية.
في الوقت نفسه، ظهرت بعض الممارسات السلبية على المستوى التنفيذي خلال مرحلة الترشح، تمثلت في تأخير الفصل في الطعون أمام المحاكم المختصة. وجاء ذلك في انتهاك للإطار الزمني الذي حددته المفوضية الوطنية للانتخابات.
هل رصدت مؤشرات على منافسة حقيقية في الانتخابات المقبلة؟
ورصدنا مشاركة أكثر من 30 حزباً سياسياً، بواقع ثماني قوائم انتخابية تتنافس على أربع دوائر انتخابية على مستوى الجمهورية. وفيما يتعلق بالتنافس على المقاعد الفردية، هناك حاليا 4032 مرشحا يتنافسون على 284 مقعدا، وهي نسبة تنافسية كبيرة جدا. ويشير إلى أن المنافسة حقيقية في الانتخابات المقبلة، لكننا لاحظنا زيادة في أعداد المستبعدين، سواء من بين المرشحين الفرديين على المقاعد الفردية، أو من القوائم الانتخابية.
ورغم الالتزام بالجدول الزمني لتلقي طلبات الترشح، فقد وردت عدد من الشكاوى تتعلق بعدم كفاية المدة لتقديم أوراق الترشح. ولهذا طالبنا بتفعيل آلية إلكترونية للتواصل وتلقي الملاحظات والشكاوى، بالإضافة إلى سرعة تحديث الموقع الإلكتروني للهيئة لمواكبة كافة مراحل العملية الانتخابية.
لماذا برأيك تم استبعاد عدد كبير من الانتخابات النيابية؟
وبحسب المعلومات المتوفرة فقد تم استبعاد 236 مرشحا من المشاركة في الانتخابات، خاصة في دوائر النظام الفردي. وتنوعت أسباب استبعادهم، بحسب التفاصيل التي قدمتها المحاكم، بين عدم استكمال الأوراق المطلوبة ورسوبهم في الفحص الطبي الذي أثبت تعاطي المخدرات بين عدد كبير من المتقدمين. كما لاحظنا أن عدداً كبيراً من المتقدمين ليس لديهم الخبرة الكافية للتأهل لخوض الانتخابات، نظراً لعدم استكمال أوراق الترشح.
كيف يتم التنسيق مع الهيئة الوطنية للانتخابات؟
لقد حصلنا على كافة التصاريح المطلوبة من هيئة الطاقة الوطنية، وهي الآن تصاريح سنوية، ولا تقتصر على فترة الانتخابات النيابية فقط. ونتيجة لذلك فإن التصاريح التي لدينا تشمل أي انتخابات تجرى خلال العام. وقد سهلت هذه الخطوة عملنا كثيرا.
هل يتضمن عمل البعثة إجراءات أخرى غير مراقبة الترشيح ويوم التصويت وإعلان النتائج؟
نعم البعثة تراقب بشكل كامل البيئة المحيطة بالعملية الانتخابية من حيث مناخ العمل السياسي والمناخ الأمني والاجتماعي. مهمتنا ليست فقط داخل اللجان، ولكن أيضًا البيئة بأكملها. ويشمل ذلك العملية الانتخابية المتاحة للناخب والمرشح. لقد قمنا بزيارة المفوضية القومية للانتخابات، وسنتواصل مع كافة القوائم المشاركة في العملية لمعرفة ما إذا كانت هناك أي شكاوى قد تكون لديهم، أو ما إذا كانوا قد واجهوا أي تمييز أو إجراءات غير قانونية.
وإلى جانب الانتخابات، أصدر ماعت مؤخرًا تقريرًا عن الإرهاب في أفريقيا. هل لك أن تخبرنا المزيد عن ذلك؟
في ماعت نهتم بشدة بانتشار الإرهاب في أفريقيا وكيفية مكافحته، نظرا للوضع الصعب الذي تواجهه معظم دول القارة من حيث الاستقرار وأوضاعها الاقتصادية. وفي شهر أغسطس وحده، رصدنا عدة حالات للعمليات الإرهابية التي وقعت في 14 دولة أفريقية، حيث وقع 41 هجومًا إرهابيًا. وتسبب في وفاة ما لا يقل عن 556 شخصا. وكانت جماعة بوكو حرام السبب في سقوط العدد الأكبر من الضحايا. وتسبب الصراع العرقي في وقوع أكبر عدد من الضحايا في وقت واحد.
ووجدنا أن المنطقة الأكثر تضررا هي منطقة شرق أفريقيا، حيث سقط 241 ضحية، بمعدل 43.35%، بعد 17 عملية إرهابية في ثلاث دول. وفي هذه المنطقة، جاءت نيجيريا في المقدمة من حيث الضحايا، إذ خسرت 154 ضحية إثر ثماني عمليات إرهابية. وتعرض الصومال لأكبر عدد من العمليات الإرهابية، بعد النشاط اللافت لحركة الشباب، بـ12 عملية إرهابية. وتتصدر مصر السباق من حيث القدرة على إسقاط أكبر عدد من العناصر الإرهابية يصل إجمالها إلى 77 عنصراً.
هل أصبحت حقوق الإنسان أداة سياسية أكثر منها وسيلة للحفاظ على الحقوق والدفاع عنها؟
هناك خلط بين الجماهير بين الإجراءات القانونية ووسائل الإعلام. الإجراءات القانونية هي ما يهم الدول، التي تكون بالضرورة مسؤولة عن هذه الإجراءات، ويتعين عليها تبرير أفعالها أو تغيير سياساتها. وهذا هو الجانب الذي نعمل عليه في ماعت.
وتتداول وسائل الإعلام انتهاكات مزعومة هنا وهناك، وهي للاستهلاك المحلي وسيطرة الجماهير فقط، لكنها ليست بالضرورة موثوقة. ومن ناحية أخرى، فإن الإجراءات القانونية الدولية موثوقة، وهي ما تهتم به الدول والحكومات. وذلك لأنه ببساطة يتضمن حقائق محددة مع الأدلة، ويتطلب من الحكومات الاستجابة أو اتخاذ مواقف لتصحيح مسار خاطئ.
ما هو وضع مصر فيما يتعلق بحقوق الإنسان؟
جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة (UN) البالغ عددها 193 دولة هي جزء من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (UNHRC)، وتخضع لآلية تتضمن مراجعة دورية لسجلاتها في مجال حقوق الإنسان. وفي مراجعة شاملة لملف حقوق الإنسان في مصر في مجلس حقوق الإنسان، تلقت البلاد 372 توصية من 133 دولة.
وقبلت مصر إجمالي 270 توصية، وتم قبول 31 توصية جزئيًا، وأكدت تنفيذ 24 توصية فعليًا. ومع ذلك، رفضت الدولة أيضًا 30 توصية، بما في ذلك توصيتان لا علاقة لهما بمجلس حقوق الإنسان. كما رفضت التعامل مع توصيتين، على أساس أن السلطات زعمت أنهما تتضمنان ادعاءات مسيسة وغير صحيحة. رفضت مصر 15 توصية غير دقيقة. ويتسم تعامل الحكومة المصرية مع المنظمات الدولية لحقوق الإنسان بالمرونة والمصداقية.
لماذا تُلاحظ المؤسسات الدولية المعنية بانتهاكات حقوق الإنسان في العديد من البلدان؟
وذلك ببساطة لأنهم لا يملكون الأدوات اللازمة لفرض احترام حقوق الإنسان على الدول. وأيضاً لأن الدول القوية تفرض هيمنتها على هذه المؤسسات، وتوجهها وفق مصالحها وأهدافها. وتهدد هذه الدول دائماً بالانسحاب منها، كما تفعل الولايات المتحدة، إذا لم يكن أداء المؤسسة على هواها.
اضف تعليق