آلو يا أمم.. آلو يا همبكه

"آلو يا أمم.. آلو يا همبكه "

“مرحبا أيها الأمم…مرحبا هامباكا”

(الهمبكة كلمة مصرية تعني اللامعنى)

بقلم/ أيمن عقيل

عند قراءة الأخبار التي تتعلق بنية الولايات المتحدة استخدام حق النقض الفيتو ضد مشاريع القرارات الداعية إلى وقف إطلاق نار في غزة، يَخطُر ببالي مشهد الفنان الراحل "توفيق الدقن" " همبكه " من فيلم أبن الحتة وهو يقول "آلو يا أمم" الذي عبر فيه حسب وصف بعض النقاد عن عجز الأمم المتحدة وأحد أجهزتها الرئيسية مجلس الأمن من حل القضايا العربية، كلما استدعاها العرب للتدخل.

وكان هذا المشهد جرى تصويره في عام 1968 أي بعد الحرب الإسرائيلية علي العرب في 1967، وقد فسر آخرون هذا المشهد بأن الفنان الراحل كان يسخر من تواطؤ بعض الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، في مقدمتهم الولايات المتحدة عند التعامل مع الاعتداءات المتكررة لإسرائيل علي جيرانها. وقادني هذا المشهد للبحث عن عدد المرات التي استخدمت فيها الولايات المتحدة "حق النقض الفيتو" فوجدت أن طيلة عمر مجلس الأمن استخدمت الولايات المتحدة حق النقض الفيتو 80 مرة فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي، من بينها 46 مرة لمنع إدانة إسرائيل و 34 مرة لمنع الشعب الفلسطيني في الحصول على حقوقه التاريخية. وكان آخر فيتو استخدمته الولايات المتحدة في 8 ديسمبر 2023 ، رُفض بموجب هذا الفيتو مشروع قرار يقضي بوقف إطلاق نار إنساني في غزة

وبعد أكثر من 55 عاما من مشهد الراحل " توفيق الدقن"، لم تحرك الأمم المتحدة ساكنا وأعني هنا تحديدا مجلس الأمن المخول بتسوية النزاعات سلمياً بين الدول، والهيئة الوحيدة في الأمم المتحدة المفترض أن قرارتها مٌلزمة قانونًا، والسبب في رأيي هو النظام المعيب الذي يمنح خمس دول في مجلس الأمن ما يعرف بحق النقض "الفيتو" والخمس دول هم: الولايات المتحدة والصين والاتحاد الروسي وفرنسا والمملكة المتحدة وهذا الحق بمثابة امتياز للدول السابقة بوصفهم أعضاء دائمين في مجلس الأمن، والخلل في رأيي إن هذا الامتياز يقوض فكرة الديمقراطية نفسها التي تمنح الجميع أصواتا متساوية، كما يتعارض مع مبدأ المساواة في سيادة الدول.

كما يٌقيد الفيتو مجلس الأمن ويمنعه من اتخاذ اي تدابير جماعية ضد أي من الأعضاء الدائمين، أو أحد حلفائها.

ومن خلال تجربتي التي تقرب من خمسة عشر عاما في التعامل مع الأمم المتحدة وأجهزتها وآلياتها المعنية بحقوق الإنسان، أستطيع أن أؤكد أن هذه المنظمة رفيعة الشأن لن تنصلح إلا بحلول جوهرية تتمثل في توسيع قاعدة الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن وفقا للتوزيع الجغرافي المتبع في الأمم المتحدة، ومنح مجلس حقوق الإنسان بجنيف استقلالية في اتخاذ قراراته كجهاز رئيسي من أجهزة الأمم المتحدة، وليس كهيئة فرعية تابعة للجمعية العامة.

وقد سبق وأبديت رأيي بأن مجلس حقوق الإنسان، وهو إحدى الآليات غير التعاقدية التابعة للأمم المتحدة "ليس به العصي لمن عصي" وإن العلاقات الدبلوماسية بين الدول تحكم المجلس وتقيد عمله. لذلك فإن أي خطوات من شأنها تجاهل إصلاح مجلس الأمن والآليات الدولية لحقوق الإنسان بما في ذلك مجلس حقوق الإنسان، قد يجعلنا نكرر باستمرار لزمة الفنان الراحل توفيق الدقن وهو يقول "آلو يا أمم – آلو يا همبكه ".

اضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة مشار إليها *