بقلم/ أيمن عقيل
لفت انتباهي خبرًا في منصة إعلامية دولية مفاداه إن جماعة إرهابية نشاطها الأساسي يتركز في أحد الدول العربية تجمع ضرائب أكثر من الدولة التي تنشط فيها هذه الجماعة، وهي مفارقة عجيبة أن تكون جماعة مسلحة تعمل خارج إطار الدولة قادرة على جمع هذه الإيرادات بشكل أكبر مقارنة بالدولة.
والحقيقة إن ما ذكرته سابقًا كان دافعًا لمزيد من المعرفة عن اقتصاد الجماعات الإرهابية والكيفية التي تجمع بها هذه الجماعات مواردها. فوجدت إنه في الصومال على سبيل المثال حيث تنشط حركة الشباب وتسيطر على مناطق في جنوب ووسط الصومال لدى الحركة موارد مالية ضخمة، تصل لما يتراوح بين 70 إلى 100 مليون دولار كل عام تأتي من مصادر متنوعة على سبيل المثال؛ الإتاوات غير المشروعة التي تفرضها على نحو 23% من نقاط التفتيش التي تسيطر عليها الحركة ومصدر هذه الإتاوات بالطبع السكان المحليين والتجار حيث تعتمد الحركة على نقاط تفتيش إما دائمة أو متنقلة للحصول علي أكبر قدر من الإيرادات خاصة نقاط التفتيش التي تمر بها تجارة الفحم غير المشروع، وتصل قيمة الضريبة التي تفرضها الحركة على الشاحنة الواحدة التي تمر من نقاط التفتيش إلى نحو 850 دولار ، جانب أخر من إيرادات الحركة تحصلها من خلال الزكاة التي تفرضها على السكان المحليين وفي الغالب ما تكون في شهر رمضان من كل عام.
كما تستخدم الحركة عمليات القرصنة البحرية التي تقُدم عليها الحركة بالقرب من الساحل الشرقي لأفريقيا وعمليات الاختطاف وطلب الفدية، بالإضافة إلي الأموال التي تتلقاها الحركة من خارج الصومال من خلال تطبيق M.PESA كأدوات لتعزيز مواردها. ولا تزال هذه الموارد المالية التي تحصلها الحركة كافية للتخطيط وتنسيق تنفيذ عمليات إرهابية جديدة بما في ذلك في العاصمة مقديشو.
علي جانب أخر لا يزال تنظيم داعش يحتفظ بما يقدر بنحو 20 مليون دولار وهو تناقص واضح في إيرادته مقارنة بالموارد المالية التي كان يمتلكها التنظيم والذي قدرته بعض التقارير إنها وصلت إلي 100 مليون دولار سنويًا في أوج وقوة التنظيم بعد عام 2016، وجاءت الموارد الرئيسية من سرقة الماشية والخطف طلبًا للفدية بالإضافة إلي الإتاوات من الصيادين والمزارعين في المجتمعات المحلية تحت التهديد. ويبدو إن تراجع الموارد المالية لداعش كان نتيجة للإجراءات التي اتخذتها دول عربية مختلفة ضد المعاملات المالية للأشخاص المشتبه بإنتماءهم للتنظيم أو الذي يعملون لصالحه، بجانب نقص مخزون الذهب الذي كان في حيازة التنظيم لذلك ظلت المصروفات تتجاوز الإيرادات وهو ما جعل التنظيم يعتمد استراتيجية مختلفة في تنفيذ العمليات الإرهابية حيث بات يُنفذ عمليات أقل لكنها واسعة التأثير، وبات يعتمد على الموارد المالية في اقتناء الأسلحة ودفع رواتب مسلحيه، ولا يمكن القول إن منابع تمويل تنظيم داعش قد جفت تماما بل العكس فإن التنظيم يسعى بنشاط إلى تنويع هذه الموارد، حيث تزايدت مؤخرا ظاهرة سرقة الأغنام في مناطق سيطرة الجيش السوري وتهريبها إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية أو عبر الحدود إلى العراق، حيث تُباع في أسواق الماشية. بجانب محاولات استخدام المنصات الرقمية لجمع الأموال عن طريق العملات المشفرة.
أخيرًا يبقى من الجماعات الإرهابية التي تعقبت مواردها المالية، تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، والذي يتركز نشاطه الأساسي في جنوب اليمن، ويجمع أمواله من خلال مصادر مختلفة كتهريب النفط بشكل غير قانوني والاختطاف مقابل الفدية بجانب جمع التبرعات من خلال الإنترنت والجمعيات الخيرية التي تعمل كواجهة لجمع الأموال لصالح التنظيم، لذلك في النهاية أرى ضرورة في تكثيف تبادل المعلومات بين الدول العربية وبعضها في مجال الإرهاب، وتحفيز الدراسات والأبحاث التي تتعقب تصرفات الجماعات الإرهابية وتحلل سلوك هذه الجماعات، بجانب تفعيل الإستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب وتطوير آليات مٌبتكرة لتنفيذ هذه الإستراتيجية.
اضف تعليق