بقلم أيمن عقيل
في أحد الاجتماعات على هامش دورات مجلس حقوق الإنسان بجنيف، سألتني أحد الزميلات المشاركات وكنا في اجتماع مع خبيرة في الفريق العامل المعني بالعنف ضد النساء والفتيات وهي ولاية من بين الولايات المواضيعية التابعة للإجراءات الخاصة بالأمم المتحدة، هل تعتقد حقًا إن النساء أعداء أنفسهن ؟ والحقيقة إني أجبت في وقتها سريعا بـ " لا ".
ولم أهتم بالبحث عن أصل المقولة أو مدى مصدقيتها لكن تذكرت هذا الحوار مؤخرًا عندما وقعت عيني على كتاب حديث نٌشر في فبراير 2024 بعنوان إذا كان الحب يمكن أن يقتل: أساطير وحقائق النساء اللاتي يرتكبن العنف If Love Could Kill: The Myths and Truths of Women Who Commit Violence والذي توثق فيه "أنا موتز" مؤلفة الكتاب وهي طبيبة نفسية أمريكية الجنسية، بعض حالات العنف التي يرتكبها بعض النساء ضد نساء أخريات مثلهن. واخذني الفضول للبحث على وقائع أخرى يرفض فيها بعض النساء منح نساء أخريات مثلهن بعض الحقوق.
فعلي سبيل المثال في الفلبين رفضت بعض النساء ترشيح نساء أخريات لمناصب عليا بزعم أنهن غير قادرات على القيادة وتسيير أمور المؤسسات . وفي الولايات المتحدة أظهرت استطلاعات رأي أن النساء في المرحلة العمرية من 18 إلي 29 عامًا فضلن بيرني ساندرز على كلينتون في الانتخابات الداخلية للحزب الديمقراطي في عام 2016. وهو ما دفع وزيرة الخارجية الأمريكية الراحلة مادلين أولبرايت وقتها و كانت تدعم هيلاري كيلنتون لتقول" هناك مكان في الجحيم للنساء اللواتي لا يدعمن النساء الأخريات"، بالإضافة لترديد بعض النساء أنفسهن أن هناك بعض المهن والوظائف يكون الرجال فيها اشطر من النساء .
ولأنني مدافعة عن حقوق المرأة ومؤمنة بتمكين المرأة وحقها وقدرتها على القيادة والعمل، فقد تجاهلت كل الحقائق السابقة للبحث عن أصل هذا (القول)، “النساء أعداء أنفسهن”. وبعد البحث وجدت أن سببه مخالف لما يتم تداوله. وفي القرن الماضي، عندما سمح للنساء بالحصول على حصص محدودة في القوى العاملة والمشاركة في الحياة العامة، أدى ذلك إلى اشتداد المنافسة بين النساء على أمل الحصول على هذه الوظائف. وظهر هذا التنافس بين النساء كأنهن في حالة عداء بين بعضهن البعض، ومن هنا روج لهذه المقولة أو العبارة. "المرأة عدوة نفسها". لكن في الواقع، أصل العبارة لا يتعلق بكراهية المرأة لذاتها أو عدائها تجاه النساء الأخريات، بل يتعلق بالمنافسة الحرة والعادلة بين النساء. وفي النهاية يجب علينا التحقق من دقة العبارات الشائعة التي يتم تداولها دون معرفة أصلها وفهم السياق الذي قيلت فيه هذه العبارات…"النساء لسن أعداء لأنفسهن."
اضف تعليق