شركة أمازون وما خفي كان أعظم

شركة أمازون وما خفي كان أعظم

بقلم/ أيمن عقيل
يبدو إن المصائب لا تأتي فٌرادى بالنسبة لشركة أمازون، فبعد أن قام الاتحاد الدولي لنقابات العمال بإدراج الشركة مع ست شركات أخري في قائمة الشركات التي تقوض الديمقراطية وهي القائمة التي يدرج فيها الشركات التي يٌلاحظ مخاطر مرتفعة في أنشطتها وسلاسل التوريد الخاصة بها، ولا تحترم حقوق الإنسان. رفع والد عاملة في مستودي لشركة أمازون في مدينة ايرفينغ ‏الأمريكية التي تقع في ولاية تكساس دعوي قضائية ضد الشركة في ديسمبر 2024، اتهم فيهًا الشركة بالفشل في حماية ابنته من اعتداء موظف لديه سوابق مختلفة من شكاوى الاعتداء الجنسي. ويقول الأب إنه أبلغ قسم الموارد البشرية في أمازون بالحادثة في اليوم التالي للواقعة. وتزعم الدعوى أيضًا أن أمازون لم تكن متعاونة عندما وصلت الشرطة المحلية للمدينة لاعتقال الجاني.
ورغم المزاعم الواردة في الدعوي القضائية إلا إن الشركة ادعت إن الموظف كان يعمل بدوام جزئي وليس مشرفَا في مستودع أمازون في المدينة، نافية ما جاء في الدعوي القضائية. وادعت الشركة إنها ساعدت الشرطة على التعرف على الجاني واعتقاله خارج المنشأة، لكن بحسب المعلومات المتوافرة من مصادر مستقلة فإن الشركة تقاعست بالفعل عن مساعدة الشرطة في اعتقال الجاني وهو ما يتوافق مع رواية الأب. لكن وبغض النظر عن طبيعة الواقعة ومدي موثوقيتها فإنها تفتح المجال للحديث مرة أخري عن انتهاكات شركة أمازون سواء في الولايات المتحدة أو في مناطق أخري من العالم.

وكان عمال أمازون في مختلف أنحاء المٌدن الأمريكية قد اضربوًا جماعيًا في ديسمبر 2024 اعتراضَا على سياسات الشركة الرافضة لتدخل النقابات والاعتراف بالمفاوضة الجماعية بالإضافة إلي ما اعتبروه تعسفا من قبل الشركة في استمرار ساعات العمل الطويلة وأوقات الراحة غير الكافية في مستودعات الشركة، والتي يقول العمال أنها تؤدي إلى وقوع إصابات ضخمة، لكن الأكثر من ذلك هي المعلومات التي تفيد بإن الشركة تلاعبت بأرقام الإصابات لإخفاء الحقيقة، بالإضافة إلي تجاهل توصيات الخبراء المتعلقة بالسلامة والصحة المهنية، وتعرقل الوصول إلى الرعاية الطبية الأساسية للعاملين فيها، وذلك وفقا لتقرير صادر عن مجلس الشيوخ الأمريكي. وفي الهند طالب عمال أمازون بظروف عمل أفضل في وقت سابق من عام 2024 بعد أن عملوًا في درجات حرارة تصل إلى 50 درجة مئوية واتهم العمال الشركة بتعمد اجبارهم على العمل في ظروف قاسية.

جال في خاطري أيضا عندمًا أطلعت على الواقعة المذكورة هو عندما قررت الشركة اختيار مقرًا رئيسيًا لها في أفريقيا، قد اختارت موقعًا تاريخيًا للسكان الأصليين في مدينة كيب تاون وهو المقر الذي كلفها 300 مليون دولار ولم تمثل لدعاوي بعض المنظمات، وأفراد مجتمع السكان الأصليين في كيب تاون، الذي طالبوا الشركة بالانسحاب من الموقع لإنه يمثل تراثًا بالنسبة لهم. بل الأكثر من ذلك حاولت الشركة بحسب مزاعم لم تتأكد صحتها رشوة بعض أفراد المجتمعات المحلية لتأييد بناء موقع الشركة في هذه الأراضي. واعتبر بعض السكان الأصليين هذه السياسية للشركة جزء من سياسة فرق تسد التي تتبعها الشركات الكبيرة التي تقيم مشاريعها في أراضي السكان الأصليين ويبدو إن ما خفي أعظم في الانتهاكات التي تقوم بها شركة أمازون. وبالنظر إلى التزام شركة أمازون بحقوق الإنسان نجد إنها تعلن صراحة في سياساتها المنشورة احترامها لمبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والاتفاقيات الأساسية لمنظمة العمل الدولية، وإعلان منظمة العمل الدولية بشأن المبادئ والحقوق الأساسية في العمل.

لكن هذا الالتزام في رأيي لن يعفي الشركة وفروعها المختلفة في انحاء العالم من المسؤولية الأخلاقية، وينبغي ان تتحول التعهدات التي تبديها الشركة لأفعال في السياسات والممارسة الفعلية لذلك أري ان هذه الانتهاكات حتمًا ستتواصل طالما لم تحترم الشركة مطالب العاملين فيهًا وتأخذ مطالبهم على محمل الجد، وطالما لم تٌأخذ خطوات حاسمة لتطبيق مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية للأعمال التجارية وحقوق الإنسان ومبادئ السلوك التجاري المسؤول.

اضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة مشار إليها *