بقلم: أيمن عقيل
لا يخفي علي أحد أن مصر تمر بتحديات اقتصادية ، تتمثل هذه التحديات في ارتفاع معدلات التضخم، واثره علي المصريين وحجم الاستثمار الأجنبي الذي لا يتناسب وطموحات الدولة المصرية، وارتفاع أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية وتآكل العملة الوطنية. وصادفت هذه التحديات الحرب الإسرائيلية علي قطاع غزة التي أدت لتراجع إيرادات قناة السويس بنسبة 40 % في يناير 2024 وفقا للفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس. وللأسف تصور بعض الأطراف الإقليمية ونتيجة التحديات والظروف السابقة إن الفرصة باتت ممهدة لممارسة دور القيادة في الشرق الأوسط دون مصر.
وإن الدولة المصرية والتي ظلت صاحبة قرار حاسم في قضايا الشرق الأوسط طوال العقود السابقة فقدت دورها الإقليمي لصالح دول أخرى جديدة وحديثة العهد. الأكثر من ذلك إن تلك الدول والأطراف الإقليمية قد يكونوا سببا في استمرار الأزمة الاقتصادية في مصر، آملا منهم في أن تبقى مصر ضعيفة وذات قدرات محدودة لا تمكنها من قيادة المنطقة. ونعتقد من وجهة نظرنا انهم واهمون، فشرق أوسط بدون مصر لن يكون مهيئا للتعاف، مهما كانت الأطراف التي تتولى قيادته.
وأتذكر ما قاله الدكتور طارق مسعود، أستاذ الديمقراطية والحكم في جامعة هارفارد في نوفمبر 2023 في لقاء علي قناة CNN الأمريكية "اذا عطست مصر ستصاب المنطقة بالسرطان". وأكثر من ذلك لأن مصر ليست الدولة التي يمكن أن تتراجع مكانتها وان تراجعت فستكون النتائج خطيرة على الجميع. لكن يجب علي المصريين عدم الراهن علي مكانتها فقط ، والأهمية الحيوية للوضع الجيوسياسي ، فيجب الانتباه إلى أننا نعيش في منطقة محاطة دائمة بالمخاطر والأزمات الإقليمية.وإذا عطست مصر ستصاب المنطقة بالسرطان.علاوة على ذلك، فإن مصر ليست دولة يمكن أن تتضاءل مكانتها دون عواقب وخيمة على الجميع. ومع ذلك، لا ينبغي للمصريين أن يعتمدوا فقط على وضع بلادهم والموقع الجيوسياسي الحاسم الذي تحتله. ويتعين عليهم أن يدركوا أننا نعيش في منطقة تحيط بها باستمرار المخاطر والأزمات الإقليمية.
بينما تصف التقارير الغربية حاليا مصر بأنها “اكبر من ان تفشل"يجب أن نلتزم بمبادئ العمل الجاد، مع قيام كل مسؤول بواجباته الموكلة إليه.
كما أن أي اقتصاد حقيقي لا بد له من قدرة علي تحمل الصدمات ومجابهة التحديات العالمية، وأري في وثيقة التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصري 2024-2030 بارقة أمل حيث تستهدف من بين جملة أمور، خفض الدين العام، بجانب تحقيق نمو اقتصادي يقارب 8 %، وتعزيز مشاركة الصادرات في الناتج المحلي الإجمالي. كما أن هذه الوثيقة غير بعيدة عن حقوق الإنسان، حيث تستهدف الارتقاء بنسبة مشاركة الإناث في القوى العاملة من 15 % إلى 32 %، ما يدعم تمكين المرأة ويدعم أيضا التزامات مصر بموجب اتفاقية السيداو وتسريع وتيرة تنفيذ الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة .
لكن تبقى مرحلة تنفيذ هذه الوثيقة أهم من كتابة الوثيقة نفسها. وحتى أكون أمينا يصعب تخيل تغير الوضع نحو الأفضل مالم تكون هناك أجندة حقيقة وبرنامج عمل واضح للإصلاح يولي أهمية للموارد التي يمكن من خلالها تحقيق التوجهات الواردة في هذه الوثيقة. وما هو جدير بالتنويه في النهاية إن مصر لا تزال قادرة علي تجاوز هذه الأزمة، وإن قرارها سيظل حاسما في قضايا تمارس فيها القيادة حصرا دون غيرها حتي الواهمون.
اضف تعليق