Peace That Does Not Last

السلام الذي لا يدوم

بقلم/ أيمن عقيل

 

إن التلويح بالقوة في العلاقات الدولية قد يٌجبر الدولة التي تتعرض للتهديد للدخول في مفاوضات، وأن تحل الدبلوماسية محل الحروب، واتفهم إنه من خلال القوة قد يتحقق الردع. لكن من غير الممكن أن يتحقق السلام من خلال القوة فقط. ويوجد في التاريخ امثلة تثبت إن القوة لا تجلب سلامًا يدوم بل من الممكن أن تأتي قوة أخرى مضادة وتنشئ فوضى يصعب السيطرة عليها .

واستخدمت بريطانيا هذا المبدأ بفكرة إنه كلما زادت قوتك، كلما كان أعدائك خائفون منك، كما تبناهًا الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغن وجعلها في صميم السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية. ومنذ تنصيب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة في 20 يناير 2025، ظل يردد هذه العبارة " السلام من خلال القوة" وبات زعماء الدول حول العالم يرددون هذه الجملة، فها هي رئيس المفوضية الأوروبية تقول أثناء القمة الطارئة للاتحاد الأوروبي التي انعقدت في باريس في فبراير 2025، إن " أوكرانيا تستحق السلام من خلال القوة "

وتساءل البعض هل السلام يتحقق من خلال القوة بالفعل؟ لكن من وجهة نظري إن التساؤل الذي يجب أن يطرح هل السلام الذي يتحقق من خلال القوة يٌدوم؟ والإجابة بطبيعة الحال لا، فاستخدام القوة منذ إعلان قيام إسرائيل في عام 1948 في الأراضي الفلسطينية المحتلة وحتى تاريخه لم يٌجلب السلام أبدا. واستخدام حلف الناتو في ليبيا للقوة العسكرية لم يجلب السلام وجعل ليبيا دولة منقسمة بين جبهتين وحكومتين. والأمثلة أكثر من أن تعد أو تحصى في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، والأكثر من ذلك إن القوة قد لا تجلب السلام بل قد يترتب على استخدام القوة، ظهور قوة مضادة ومقاومة مسلحة وقد لا يجلب استخدام القوة إلا الفشل لمن يستخدمها لغرض غير مشروع .

وبعد الحرب العالمية الأولي ظهر مبدأ مماثل يسمى " السلام المسلح" ويعني إن الدول التي تزيد من الإنفاق العسكري، وتقوم بشراء وتخزين الأسلحة لديها، وتتسابق لتسليح جيوشها قادرة على تحقيق الردع، رغم ذلك لم يفلح هذا المبدأ في منع حربًا عالمية ثانية، مات فيها من المدنيين فقط 40 مليون قتيلًا. و ما أشبه الليلة بالبارحة فالدول تتسابق في الوقت الحالي علي زيادة الإنفاق العسكري فقد تعهد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر منتصف فبراير 2025 بزيادة الإنفاق العسكري، وها هو ترامب يحس أعضاء حلف الناتو إلى رفع نفقاتها العسكرية إلى ما لا يقل عن 5٪ من الناتج المحلي الإجمالي. فالتاريخ يعيد نفسه. وكمٌا نسٌب قديما لكارل ماركس فالتاريخ يعيد نفسه مرتين، المرة الأولي كمأساة و الثانية كمهزلة.

لذلك اعتقد من وجهة نظري إن القوة مٌهمة بالفعل لمنع الحروب وتحقيق الردع. لكن استخدام القوة لتحقيق السلام من خلال مهاجمة دول أخري والاعتداء عليها أو تنفيذ مخططات للتهجير القسري لمجموعة من السكان من أراضيهم ، ونسف مبادئ القانون الدولي، واستبعاد المعايير الأخلاقية والإنسانية حتى وأن ترتب عليه سلامًا لبرهة من الزمن لكن هذا السلام لن يدوم.

اضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة مشار إليها *