بقلم/ أيمن عقيل
هناك مشكلة قد يعرفها المتخصصون والمطلعين على شؤون منظمة الأمم المتحدة، ولكن من الممكن أن يستغربها الفرد العادي غير المهتم بالنظام الدولي ولا بالجماعات المسلحة، والمشكلة هي عدم قدرة الدول الأعضاء على الوصول إلى تعريفات محددة بشأن ظواهر أثرت على شعوب بأكملها وخلفت ضحايا لا حصر لهم مثل ظاهرة الإرهاب فلا يوجد تعريف شامل ذات طبيعة عالمية متفق عليه في وثائق الأمم المتحدة لظاهرة الإرهاب.
وهذه الإشكالية تستند في الأصل إلى خلافات أيدولوجية قائمة على مصالح الدول الأعضاء ورؤية هذه الدول لما هو إرهابي وما هو غير إرهابي فالإرهابي من منظور الولايات المتحدة قد يكون مناضلا من أجل الحرية في منظور دول أخرى. ورغم المحاولات التي قادتها الأمم المتحدة من أجل وضع تعريف شامل وذات طبيعة عالمية للإرهاب إلا أن هذه المحاولات وللأسف لم تفلح.
فلا تحتوي أي من اتفاقيات مكافحة الإرهاب الثالثة عشر للأمم المتحدة على تعريفاً شاملاً للإرهاب مثل الاتفاقية الدولية لعام 1997 لقمع الهجمات الإرهابية بالقنابل، والاتفاقية الدولية لعام 1999 لقمع تمويل الإرهاب. كما إن مختلف القرارات الصادرة عن مختلف الهيئات التابعة للمنظمة الدولية، لم تعتمد تعريفا شاملا وعالميا عن الإرهاب، وحاول مجلس الأمن التحايل على هذا الجدل عندما وضع في بعض القرارات الصادرة عنه إن جميع الأعمال الإرهابية لا يمكن تبريرها أياً كان الدافع وراءها لكن دون وضع تعريف محدد. وحث مجلس الأمن الدول الأعضاء في قراره 1373 لعام 2001 على تجريم الأعمال الإرهابية في القوانين المحلية ولكنه لم يقدم لنا تعريفا للإرهاب وما زال الجدال بين الدول الأعضاء مستمر .
وفي عام 2006 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 288/60 الذي يتعلق بإستراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، ولفت القرار الانتباه إن الدول الأعضاء عازمين على حل المسائل التي لم يبت فيها ومن بينها تعريف الإرهاب إلا إنه وبعد 18 عام علي اعتماد الإستراتيجية لم يتحول هذا العزم إلى اتفاق حقيقي واحد على تعريف شامل للإرهاب. وفي جلسة علنية جادل أعضاء اللجنة السادسة في الأمم المتحدة حول تعريف الإرهاب. ولم تفلح جهود المجتمع الدولي في صياغة اتفاقية شاملة للإرهاب الدولي رغم سنوات من المفاوضات.
وبموجب قرار الجمعية العامة رقم 210/51 أنشأت لجنة متخصصة لوضع مشروع اتفاقية شاملة تتناول الإرهاب الدولي. كما قررت الجمعية العامة، في قرارها 121/76 في ديسمبر 2021، أن توصي اللجنة السادسة، بإنشاء فريق عامل يستهدف استكمال العملية المتعلقة بمشروع الاتفاقية الشاملة بشأن الإرهاب الدولي مع ذلك أرجعت بعض الدول الجمود في المفاوضات الخاصة بالوصول إلى اتفاقية دولية شاملة للإرهاب لخلاف الدول حول وضع تعريف متفق عليه عالميا للإرهاب. ومن وجهة نظري إن هذا الإِشكالية لن تحل إلا إذا قامت مؤسسات دولية مستقلة لا تتحكم فيها الدول الأعضاء وخاصة الدول الخمسة التي تحظى بما يعرف بحق الفيتو ، وألا تقحم هذه الدول مصالحها في التأصيل العلمي والقانوني للظواهر التي تؤثر على حياتنا جميعا.
اضف تعليق