مأساة الأطفال في صناعة الكٌوبالت

مأساة الأطفال في صناعة الكٌوبالت

بقلم/ أيمن عقيل

خلال زيارتي الأخيرة لجنيف ورغم قصرها تقابلت مع صديق لي وكنا نتحدث عن الانتهاكات التي يتعرض لها العديد من الأطفال حول العالم وتجنيد الأطفال كما يحدث في (تندوف مثلا) وأثناء حوارنا انضم صديق لنا من الكونغو الديمقراطية وقال ما رأيكم في هذا !!!!!! وعرض علينا صور أطفال يعملون في التعدين في منجم لاستخراج معدن الكوبالت في جنوب شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية. وبالمناسبة الكونغو لديها نصف موارد العالم من هذا المعدن النفيث، لدرجة أنه يطلق علي الدولة الأفريقية وصف "ملكة الكوبالت"، ويستخدم الكوبالت في صناعة بطاريات الهواتف الذكية وبطاريات السيارات، ويوجد أكثر من 65 منجمًا لإستخراج هذا المعدن في جمهورية الكونغو الديمقراطية ويعمل في هذه الصناعة ما يقارب من 255 ألف عامل.
ويُصنف هذا المعدن الهام على إنه من" المعادن المٌشعلة للصراعات" إلا إن جزء من هذه الصناعة مرتبط بموضوع حقوقي مهم أريد أن أتحدث عنه وهو " أسوأ أشكال عمالة الأطفال " ويتعارض هذا مع تحقيق المقصد السابع من الهدف الثامن من أهداف التنمية المستدامة، ويهدد بتخلف آلاف الأطفال الذين يعملون في هذه الصناعة عن ركب التنمية وفوائدها. فيعمل 40 ألف طفل بعضهم لا تتجاوز أعمارهم ست سنوات ويكسبون أقل من دولارين يوميًا في نوبات عمل تصل إلى 14 ساعة يوميًا. ويتعرضون لظروف خطيرة يوميًا أودت بحياة مئات منهم بسبب التعرض المتواصل للغبار والأبخرة التي يحتوي عليها الكوبلت، ويؤدي استنشاق الغبار إلى ضعف وظائف الجهاز التنفسي، وضيق التنفس بالإضافة إلى مرض يعرف باسم مرض الرئة السوداء. مع هذه الأضرار الصحية المختلفة لا تزال إجراءات الحد من عمالة الأطفال في هذه الصناعة غير كافية. ورغم إن الكونغو الديمقراطية تٌدرج التعدين في الكوبالت ضمن الأعمال الخطرة التي يحظر فيها عمالة الأطفال إلا إن هؤلاء الأطفال يعملون بشكل غير رسمي أو في القطاع غير المنظم كما يوٌصف في بعض الأحيان وفي أحيان كثيرة تتغاضى المؤسسات المعنية عن تفتيش هذه المناجم أو الرقابة عليها.
مع تزايد المخاطر التي يتعرض لها الأطفال لاحظت الحملة التي قادها بعض أصحاب الرأي والمدافعين عن حقوق الطفل الذين قادوا حملات مناصرة لحث الشركات التكنولوجية فك الإرتباط بهذه الصناعة، وإجراء تقييم للمخاطر المترتبة علي عمالة الأطفال أثناء استخراج هذا المعدن. لكن حتي هذه الشركات مثل أبل وسامسونج وحتى ألفابيت وهي الشركة المالكة لجوجل وشركة تسلا وغيرها من شركات السيارات في الولايات المتحدة وفرنسا، وجميعها مستفيدة من استخراج هذا المعدن لم تستجيب لهذه الحملات وبعدما تعهدت بعدم التراخي مع سياسة عمالة الأطفال في استخراج هذا المعدن لم تحول هذه الوعود إلى التزامات حقيقية، ويبدو إن هذه التعهدات ظلت حبرًا علي ورق ويعني ذلك إن هذه الشركات متورطة هي الأخري في أسوأ أشكال عمل الأطفال وهو ما يستدعي إجراء امتثال العناية الواجبة لاحترام حقوق الإنسان وهو إجراء وارد بوضوح في المبادئ التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان الذي اعتمدت بموجب القرار 4/17 لمجلس حقوق الإنسان. الأكثر خطورة في رأيي إن صناعة الكوبالت قابلة للازدهار في المستقبل فوفقا لبيانات وكالة الطاقة الدولية من المحتمل أن يزيد الطلب علي هذا المعدن 20 ضعف في عام 2040 وهو ما يعني إن مزيد من الأطفال سيظلوًا يعملون في ظروف خطيرة في مناجم استخراج الكوبالت المميتة إلا لم ندفع نحو تحقيق سياسة " صفر أطفال في صناعة الكوبالت" وهي سياسة اقترحها في هذا المقال وآمل أن تلقى آذان صاغية.

اضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة مشار إليها *