بقلم/ أيمن عقيل
في شهر نوفمبر المقبل تتجه الأنظار إلى الولايات المتحدة الامريكية والتي ستختار رئيساً يقيم في البيت الأبيض لمدة أربع سنوات قادمة، ومع ترشح كامالا هاريس نائبة الرئيس الأمريكي جو بايدين لخوض الانتخابات الرئاسية، وهو الأمر الذي قوبل بالترحاب من قبل بعض الأصوات الحقوقية المؤيدة لحقوق الشعب الفلسطيني في الداخل الأمريكي، وذلك لكونها امرأة ملونة من أصول مهاجرة قد تكون عانت من بعض العنصرية في الولايات المتحدة، وبالتالي يمكن لها أن تٌظهر دعمًا وتعاطفًا مع قضية الشعب الفلسطيني للضغط على دولة الاحتلال لوقف الإبادة الجماعية تجاه الشعب الفلسطيني، وانعقدت الآمال عليها لتغيير دعم حزبها "الديمقراطي" والذي أعطى الضوء الأخضر لسلطات الاحتلال الإسرائيلي للقيام بالمجازر ضد سكان قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، خصوصًا في ظل ظهور جيل جديد من الشباب في المجتمع الأمريكي يشعر بالاشمئزاز من استمرار ذلك الدعم.
إلا أن سرعان ما أصيب الجميع بخيبة أمل واضحة، وذلك لرفضها للاستماع إلى الأصوات المؤيدة للفلسطينيين، بل واستبعاد البعض منهم من التحدث في المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي في شيكاغو والذي أقيم في أغسطس الماضي، الأمر الذي دعا هؤلاء إلى الدعوة للظهور بقوة في احتجاجات أثناء مناظرة هاريس ودونالد ترامب في فيلادلفيا في 10 سبتمبر الجاري، يأتي هذا مع حديث هاريس المستمر عن عدم تقليص مبيعات الأسلحة لإسرائيل.
وفي الجهة الأخرى، لم يتردد المرشح الأخر في الانتخابات الرئاسية دونالد ترامب، في إظهار مواقفه الداعمة والتي ليس من المتوقع أن يتراجع عنها في تقديم الدعم الكامل وغير المشروط لحكومة الاحتلال الإسرائيلي، فهو المهندس الرئيسي لصفقة القرن أو خطة ترامب للسلام والتي كانت تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، وسبق تلك الخطوة إعلان القدس عاصمة لإسرائيل مع وقف ترامب مساعدات أمريكا لوكالة الأونروا، وهي تصرفات تخدم الكيان الصهيوني.
وبالتالي فإن ثمة معادلتان حاكمتان تفرضان نفسيهما على ذلك الوضع، الأولى مفاداة أن الدعم الأمريكي لحكومة الاحتلال الإسرائيلي مستمر مهما كان الفائز بالانتخابات، والثانية تتعلق باحتمالية عدم خروج الأصوات المؤيدة للشعب الفلسطيني في الداخل الأمريكي للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية أو التصويت لحزب ثالث وكثيرون منهم يتركزون في الولايات المتأرجحة، فاستطلاعات الرأي الحالية تٌظهر امتناع العديد من الناخبين عن دعم أي من المرشحين في الانتخابات الرئاسية بسبب سياساتهم تجاه القضية الفلسطينية، ويُصيب ذلك الأمر الديمقراطية الأمريكية بمزيد من التصدع ويضعها على بداية الانهيار، ويكشف عن قصورها وفرضها اختيارات بعينها على مواطنيها. وفي الواقع وبتلك المعطيات سوف تستمر جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي بالدعم الأمريكي الكامل، ولن يتم محاسبة من تورطت أيديهم في سفك الدماء، ولا أتصور أن تظل الصورة الذهنية لدى العديد من المواطنين الأمريكيين ولدى شعوب العالم عن الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها دولة الحقوق والحريات والديمقراطية، وقادتها أيديهم ملوثة بدماء الأبرياء والضحايا من أبناء الشعب الفلسطيني، بدعمهم اللامحدود لقادة الكيان الصهيوني.
وبالنسبة لي فبعض الناخبين مجبرين على المشاركة لاختيار أمور غير مرضية لهم، فهل هذه ديمقراطية؟ أما بالنسبة للشعب الفلسطيني فله الله، فلا ترامب أو هاريس سيحقق لهم العدالة، ومع ذلك فأنا على يقين لما قاله الشاعر المبدع أبو القاسم الشابي عندما قال "ولا بُدَّ لِلَّيْلِ أنْ يَنْجَلِي · ولا بُدَّ للقيْدِ أَنْ يَنْكَسِر".
اضف تعليق