نجيب ساويرس وكرامة العاملين

نجيب ساويرس وكرامة العاملين

بقلم/ أيمن عقيل

لفت انتباهي الفيديو المنتشر لرجل الأعمال نجيب ساويرس الذي أصبح تريند ويقول فيه إنه وافق علي مغادرة عضو منتدب يملك جنسية أجنبية يعمل في إحدى شركاته لأنه لم يعتذر لأحد عمال البوفيه الذين عملوا في شركته لمدة عشرين عاما، وأكد ساويرس أن تصرفه كان ضروريا لحماية كرامة الأشخاص الذين يعملون معه. وهذا التصرف يجعلنا نفكر ونناقش قضية مهمة من منظور أعم وأشمل وهي كيفية الحفاظ علي كرامة العاملين معك، وكيف تصنع أشخاص ينتمون لعملهم ويبذلون الجهد الأكبر ويخلصون في العمل لتحقيق نجاحات لمصلحة الكيان الذي يجمعهم. وحتى لا يكون العمل قائما فقط علي أساس المنفعة أو العقد المبرم بين الموظف وصاحب العمل.

وقد تذكرت بمناسبة هذا الفيديو قصية قصيرة مترجمة للعربية لكاتب ألماني يدعي رودلف فيشر تحدث فيها عن شخص يعمل في مزرعة لدى سيدة ألمانية، وفي لحظة حاول هذا الموظف أن يقيم مدى أهميته عند السيدة صاحبة العمل وهل تستطيع الاستغناء عنه أم لا. فقرر أن يمثل إنه في حالة إعياء، تتطلب الراحة وإنه بحاجة للذهاب إلى إحدى مقاطعات ألمانيا حيث موطنه الأصلي للاستشفاء من هذه الحالة. وافقت السيدة علي طلبه. لكن ما فعله أنه ذهب إلى صديق له وحكي له القصة، وأخبره بما يريد أن يفعله وهو معرفة قيمته لدى السيدة صاحبة العمل، وهل ستتمسك به أم لا؟ وأقنع صديقه بأن يتصل بصاحبة المزرعة، ليخبرها بأنه علم بمرض الشخص الذي كان يعمل معها وإنه مستعد بدوره أن يحل محله، بعدد ساعات أكبر ومرتب أقل. لكن المفاجأة أن السيدة رفضت عرض صاحبه وقالت له إنها متمسكة بالشخص الذي يعمل معها حتى في حالة مرضه. وإنها ستنتظره وستحاول أن تعالجه لحين رجوعه أفضل من البداية. والقيمة الأخلاقية من هذه القصة إن السيدة لم تحسبها علي أساس المصلحة لكنها راعت ما قدمه هذا العامل للمزرعة ولم تتخل عنه.

فالمهندس نجيب ساويرس والسيدة الألمانية من خلال قصتهما يثبتا أن القائد الحقيقي يجب أن تتوافر فيه صفات كثيرة ومهم أن يكون من بينها الحفاظ علي كرامة العاملين معه والتمسك بهم إذ كانوا يستحقون ذلك وجعلهم يحبون العمل معه وليس العمل عليه. ولذلك أر إنه مهما كٌنت تحظى بصفات القيادة ولم تعمل على زرع هذه الصفات في العاملين معك فقد تفقد أهم ما قد يميز الموظفين الذين يعملون معك وهو تفانيهم في العمل وانتمائهم للمكان الذين يعملون فيه. وفي فرع العلوم العصبية هناك رأيا يقول أن المعاملة السيئة للموظفين تكلف صاحبها كثيرا، وتؤثر على قدرة الفريق في التفكير والفكر. والعمل والفكر لا يفترقان، فالإنسان الذي يحسن العمل غالبا ما يحسن الفكر والعكس صحيحا فالخطأ في العمل نتيجة لخطأ في الفكر لذلك فإن التحلي بكل هذه الصفات هي من تصنع الفارق بين من ينظر له علي أنه قائد حقيقي ومن ينظر له علي إنه قائد غير حقيقي وغير جديرة بثقة العاملين معه.

اضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة مشار إليها *