بقلم/ أيمن عقيل
قلت في مؤتمر إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي اعتمدها رئيس الجمهورية في 11 سبتمبر 2021 إن غالبية المجتمع المصري يعاني من الأمية الحقوقية، وكنت أعني أن بعض المواطنين لا يعرفون حقوقهم وعندما يدركون هذه الحقوق، لا يعرفون كيف يمارسونها، أو يطالبون بها من خلال القنوات الشرعية.
لكن ما أود إضافته في هذا المقال أن المواطن المصري يظل دائمًا بحاجة لمن يُوعِّيه بهذه الحقوق، ويقع العبء الأكبر في مهمة نشر ثقافة حقوق الإنسان على عاتق المجتمع المدني المصري، لأنه حلقة الوصل بين الحكومة والمواطن، ويمكنه التواصل مباشرة مع جزء كبير من المجتمع المصري.
وقد خصصت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان محورًا كاملًا من بين أربعة محاور تشكل هيكل الاستراتيجية للتثقيف وبناء القدرات في مجال حقوق الإنسان وخصصت البند الفرعي الأول ضمن هذا المحور لنشر ثقافة حقوق الإنسان واعترفت الاستراتيجية بضعف الوعي بقيم ومبادئ حقوق الإنسان والحاجة إلى زيادة برامج التثقيف في هذا المجال. واستهدفت الاستراتيجية تحقيق 12 نتيجة في هذا البند الفرعي خلال المدة الزمنية للمرحلة الأولى من الاستراتيجية التي تنتهي في شهر سبتمبر من عام 2026.
مع ذلك، بعد مرور أكثر من عامين ونصف على إطلاق الاستراتيجية لا زلت أرى محدودية في المشاريع التي ينفذها المجتمع المدني والتي تهدف إلى نشر ثقافة حقوق الإنسان وتوعيتهم بحقوقهم وواجباتهم. وحتى بعض الجهات الدولية رفضت استكمال دعم بعض المشاريع في هذا المسار.
لذلك حتى الجهات الدولية عليها دور في تعزيز هذه المشاريع. وثمَّة مرجعية دولية لنشر ثقافة حقوق الإنسان وتعزيزها، وهو البرنامج العالمي للأمم المتحدة للتثقيف في مجال حقوق الإنسان الذي اعتُمِد مجلس حقوق الإنسان المرحلة الخامسة منه في أكتوبر 2022 بموجب قرار المجلس رقم 2/51لسنة 2022. يحث القرار في الفقرة الثامنة منظومة الأمم المتحدة والهيئات والوكالات التابعة لها، بجانب جميع المنظمات الحكومية الدولية والإقليمية، على تقديم الدعم التقني إلى الدول التي تود تنفيذ خطط العمل المعتمدة في إطار البرنامج العالمي للتثقيف في مجال حقوق الإنسان على الصعيد الوطني وبناء القدرات على التثقيف والتدريب في مجال حقوق الإنسان، وذلك بناء على طلب من هذه الدول. كما اعتبرت الأمم المتحدة أن المجتمع المدني جزء أصيل من تنفيذ هذه الخطط.
وقد خلص القرار إلى أن البرنامج العالمي للتثقيف في مجال حقوق الإنسان قد يُسهم في تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030، ومنها تحقيق الغاية السابعة من الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة. ويتضح من ذلك وجود علاقة واضحة بين نشر ثقافة حقوق الإنسان وتنفيذ أجندة 2030، لكن في رأيي، لا يزال على المجتمع المدني المصري بذل جهود إضافية لجعل حقوق الإنسان ثقافة عامة في المجتمع المصري، فبدون هذه الحقوق لا يمكن أن يحيا البشر حياة صحية، ولا يمكن لأي مجتمع أن يحقق التعايش السلمي ويرسخ ثقافة الحوار.
اضف تعليق